الاثنين، ٣٠ يونيو ٢٠٠٨

بقلم الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح

في الحقيقة ان النقاشات والحوارات المفتوحة الفترة الماضية على الاخوان كانت جميلة وسعدت بها شخصيا ، كنت اشعر فيها بجدية التقاش ، واختلاف الاراء لا يفسد للود قضية ....... وحتى اختم ما مضى من افكار رايت ان انشر مقالة للدكتور عبد المنعم ابو الفتوح تشرت في جريدة الدستور رايتها تلم شعث ما مضى ، وتركز الفكرة بدقة ...... وحتى لا اطيل فاليكم المقال نفع الله به :


كنت أتصور أن السؤال حول طبيعة دور جماعة الإخوان المسلمين في المجتمعات العربية عما إذا كان هذا الدور سياسياً أم دعوياً أو هل هو دور إصلاحي أم تغييري ..كنت أتصور أنه قد حسم من زمن . ولكن يبدو أن الطبيعة الاستثنائية التي تحياها مجتمعاتنا في هذه الحقبة .. جعلت أغلبنا يدور في دائرة مغلقة.. فما إن ننتهي من تعريف وتحديد موضوع حتي نبدأ في إعادته إلي المربع رقم واحد..

جماعة الإخوان المسلمين من البدايات الأولي لوجودها في الحياة العامة في المجتمعات العربية والإسلامية وهي حركة نهضة حضارية شاملة ..تعتبر الإسلام «الدين والمنهج» روح هذه النهضة و باعثها .وهذا المعني لم ينتجه الإخوان المسلمون من العدم ولكنه رؤية رآها كل المصلحين السابقين علي قيام الحركة منذ نهاية القرن التاسع عشر إلي بدايات القرن العشرين..من الكواكبي الذي رأي أن الاستبداد هو الداء الرئيسي الذي وقع فيه الشرق وتخلص منه الغرب والأولية تتمثل بالإصلاح السياسي، إلي الأفغاني وعبده اللذين تمثلا البعد الثقافي والديني في الحضارة الغربية وقدرا أنه المفتاح لفهم السبب في تأخرنا وتقدم الغرب .. إلي رشيد رضا تلميذ محمد عبده النجيب وأستاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.

تلقف الأستاذ البنا ــ رحمه الله ــ دوره في مشروع الإصلاح بإخلاص وإتقان شديدين ..فانتقل بالعمل الإسلامي نقلة هائلة من إطار الجهود الفردية والاجتهادات الشخصية إلي إطار الحركة الجماعية المنظمة..وذلك بغرض إشراك كل الأمة في حمل نصيبها المقدر في تحقيقه وإقامته...فحوله من مشروع فكري إلي حركة إصلاح ونهوض شعبية تضم كل فئات الشعب بعد أن كان الناس ينظرون إلي النشاط الإسلامي العام من خلال شيوخ الصوفية والطرق...والتقاليد الموروثة التي كانت في مجملها عنوانا للجمود والرفض لكل جديد..فجاءت حركة الإخوان المسلمين فقدمت المثقفين وطلاب الجامعات والعمال والفلاحين والداعين إلي الاستفادة من الحداثة في سياق الحفاظ علي الهوية الحضارية التي يمثل الإسلام قلبها النابض..كان كل ذلك اهتماما إصلاحيا ناهضا يقوم علي قاعدة متينة من التغيير النفسي والاجتماعي والسياسي..وقد تميز نشاط جماعة الإخوان المسلمين السياسي - من بداياته الأولي - بالاعتدال والتصالح مع الواقع والمشاركة في البرلمان والتفاعل مع الأحزاب السياسية الأخري، ولم تصدر عن الجماعة أي دعوات انقلابية أو تكفيرية باتجاه النظم والسلطات القائمة، فكان هناك قبول بالدستور والقوانين مع المطالبة بتعديلها لتتوافق مع أصول الشريعة الإسلامية ونصوصها.وهو الفهم الذي وصفه الأستاذ البنا بأنه «أضوأ من الشمس وأوضح من فلقِ الصبح وأبين من غرةِ النهار».

وعليه فجوهر حركة الإخوان المسلمين لتحقيق النهضة والتنمية يقوم علي بناء الإنسان و إنهاضه وفق شمولية التعاليم الإسلامية نظريًّا وعمليًّا وروحيًّا، بما يغطي جميع جوانب الشخصية، وبما يساعد علي إعداد أرضية إسلامية للمجتمعات القائمة تساهم في تحقيق مشروع الدولة علي اعتبار أن ذلك هو أساس النهضة الإسلامية.

وأخيرا هناك ثلاث نقاط أري من المهم التأكيد عليها : نحن لم نكون ولن نكن في يوم من الأيام حركة انقلابية رافضة لأنظمتنا ومجتماعاتنا ونحن إنما نسعي لإصلاحها وليس للقضاء عليها أو استئصالها كما تفعل الجماعات الراديكالية . «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت»

جماعة الإخوان ــ إضافة لما ذكرته سابقا ــ جماعة مدنية مجتمعية مفتوحة..تعتمد في إدارة شئونها وأحوالها علي المتعارف عليه في نظم الإدارة وتسيير الأمور بما يحقق توافق خطوات العمل ضمن المجري الفكري والعملي للجماعة ..مثلها في ذلك مثل كل الجمعيات والأحزاب والأندية التي تضبطها لوائح مستقره ومتفق عليها وهو ما ما ينفي عن الجماعة اي توصيف آخر .

والطبيعة المدنية المفتوحة للجماعة تتعارض مع أي شكل آخر من أشكال الإدارة العسكرية (الميري) أو الإدارة السرية المغلقة.

لم تتغير قناعتي يوما ما أن جماعة الإخوان ذات الفكر المجتمعي المدني الناهض لم تتح لها الفرصة الحقيقية الكاملة للوجود المستقر داخل المجتمع بما يؤكد طبيعيتها وجوهرها الأصيل..لا في الأربعينيات ( بسبب الاحتلال ) ولا في الخمسينيات ( بسبب صدام يوليو ) ولا بعد ذلك وحتي يومنا هذا..وسامح الله كل من شارك في حرمان هذا الوطن الحبيب من (ثروة حقيقية) اجتماعية وفكرية وسياسية وتربوية ..ضمن باقي ثرواته القومية الأخري التي حرم منها هذا المجتمع العزيز، وللأسف لصالح قوي البغي والشر علي أمتنا وحضارتنا.

هناك ٧ تعليقات:

مصعب رجب يقول...

مقال رائع
والدكتور عبد المنعم أستاذنا كلنا طبعا .

أرجو الدخول على مدونتي
تم نشر الحلقة الثالثة حول النقد العلني
http://kobbaya.blogspot.com

علم الهسس يقول...

ارجوا منك يا م/ احمد
ان ترسل بهذه الأسئلة الى د/ عبد المنعم ابو الفتوح لو كان ليك اتصال مباشر به

يقول د/عيد المنعم


"وعليه فجوهر حركة الإخوان المسلمين لتحقيق النهضة والتنمية يقوم علي بناء الإنسان و إنهاضه وفق شمولية التعاليم الإسلامية نظريًّا وعمليًّا وروحيّ"

- مشروع النهضة والتنمية يحتاج الى مؤسسات الدولة لتحقيقه فكيف ستحصل الإخوان على مؤسسات الدولة لكى تحقق هذا الهدف؟
..
..
يقول د/عبد المنعم

"نحن لم نكون ولن نكن في يوم من الأيام حركة انقلابية رافضة لأنظمتنا ومجتماعاتنا ونحن إنما نسعي لإصلاحها وليس للقضاء عليها أو استئصالها كما تفعل الجماعات الراديكالية . «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت»"

- اذا كان الإخوان لا يسعون الى امتلاك السلطة بل يريدون الإندماج فى المجتمع واصلاح ما تيسر لها من جوانب الحياة فلماذا البقاء على التنظيم والإستمرار فيه طالما انك كإخوان لا تسعى الى امتلاك زمام المبادرة لتغيير نظام الحكم؟

فممكن ان تسعى لخدمة الفكرة والإصلاح بدون وجود تنظيم
..
..

ويقول فى موضع اخر
"لم تتغير قناعتي يوما ما أن جماعة الإخوان ذات الفكر المجتمعي المدني الناهض لم تتح لها الفرصة الحقيقية الكاملة للوجود المستقر داخل المجتمع بما يؤكد طبيعيتها وجوهرها الأصيل"

- من الذى سيتيح للإخوان هذه الفرصة؟ هل القدر ام قوة خارقة؟ام أن النظام الحاكم سيرجع الى رشده ويعترف ان الله حق ويعترف بدور الإخوان عبر التاريخ؟؟

ولك جزيل الشكر

م/ أحمد مختار يقول...

الاخ ابو اسامة
لقد زرت المدونة بالفعل ، وجهدك مشكور ...
لكن ارى من الحكمة ان لا اشارك في هذا الموضوع رغم اهميته لاني اوضحت رايي - رغم تحفظي على بعض ماعرض في التدوينة - ولعل هذا من الاختلاف في وجهات النظر الذي لايفسد للود قضية .

نفع الله بكم والهمكم رشدكم
وبالتوفيق والسداد.

م/ أحمد مختار يقول...

اخي عالم الهسس

تقول:- مشروع النهضة والتنمية يحتاج الى مؤسسات الدولة لتحقيقه فكيف ستحصل الإخوان على مؤسسات الدولة لكى تحقق هذا الهدف؟

لو توفرت مؤسسات الدولة فبها ونعمت -مع محاولة الوصول اليها بالشكل السلمي-
والا فنحن ناخذ بالاسباب المتاحة امامنا ولا يكلف الله نفسا الا وسعها ليس منطقيا ان اتعطل واعطل الدعوة ومسيرة التنمية ولو بنسبة بسيطة من التعطيل .
اخذ بالاسباب المتاحة الى حين الوصول للاسباب الاقوى (المنطق يقول هذا) فما لا يدرك جله لايترك كله.
واختم هذه النقطة: ان الاخوان لا يتوقفون عند وسيلة من الوسائل ابدا ، ولم ولن تتوقف الدعوة يوما على افراد ولا على وسائل الدعوة ماضية بكل ما اوتينا من قوة وبكل ما استطعنا من سبل متاحة هذه فلسفتنا .

م/ أحمد مختار يقول...

تقول:
فممكن ان تسعى لخدمة الفكرة والإصلاح بدون وجود تنظيم .

اقول وهذا سر تفوق الاخوان عن باقي الجماعات الاخرى او لنقل- من اجل الانصاف-
ان هذا ما يميز طريقة الاخوان في العمل الدعوة .
التنظيم عند الاخوان قائم لانه دين لان المسلمين منظمين لابد لهم من نظام ينظم شؤنهم وسعيهم ، وهذا ما افردت فيه رسائل متعددة والفت فيه كتب عديدة ومن اشهرها : المنهج الحركي للسيرة النبوية للدكتور منير الغضبان .

التنظيم ليس عيبا بل مطلب ، تخيل معي كيف تسعى هذه الاعداد الغفيرة لتحقيق هدف واحد دون وجود تنظيم ؟!!

ان فهم معنى التنظيم يجلي حقيقة لماذا البقاء على التنظيم ؟
وباختصار لولا التنظيم كان مستحيل ان يصل الاخوان الى اي مكسب من المكاسب التي حققها الاخوان على مدار اكثر من 75 عاما وان اختلفنا في كم المكاسب وتقييمها ، لكن ماكان الاخوان ليصلوا الى شيء من اهدافهم الا بالتنظيم .

م/ أحمد مختار يقول...

تقول: من الذى سيتيح للإخوان هذه الفرصة؟ هل القدر ام قوة خارقة؟ام أن النظام الحاكم سيرجع الى رشده ويعترف ان الله حق ويعترف بدور الإخوان عبر التاريخ؟؟

وبا ختصار : لايضيع حق وراءه مطالب ، ولو فقهت الشعوب هذه الحقيقة لما نام الحكام ملء جفونهم واكلوا خيرات شعوبهم ونهبوا ثروات بلادهم .

ان الذي سيتيح للاخوان هذا الحق وهذه الفرصة هي قوة المطالبة ومداومة الطلب ، سيتيح لهم هذا الحق صبرهم واحتسابهم وبذلهم وعطاؤهم .

اخيرا : لست على علاقة شخصية بالدكتور ، وان كنت اتمنى .

Hosam Yahia حسام يحيى يقول...

مقال اكثر من راااائع

:)


ربنا يجعله فى ميزان حسناتك يافندم